كتاب جديد يصدر عن مدينة صفاقس تحت عنوان : ''صفاقس في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. أحداث مدينة متوسطية'' والمؤلف هو د. علي الزواري, مدير بحوث سابق بالمعهد الوطني للتراث. له عديد المقالات والمؤلفات العلمية لعل أشهرها العلاقات التجارية بين صفاقس والشرق نشر سنة 1990بتونس.
يشتمل الكتاب على 464 صفحة من الحجم المتوسط وهو صادر عن منشورات دار محمد علي بصفاقس ومركز النشر الجامعي بالمركب الجامعي بمنوبة وطبع بالمغربية للطباعة بالشرقية 2 بتونس. يتضمن الكتاب ستة فصول هي : موقع مدينة صفاقس وتأثيره في الحياة اليومية، الإطار الحضري لمدينة صفاقس، التنظيم الإداري والقضائي، المصالح الحضرية، آليات الأملاك، وأخيرا الأنشطة الاقتصادية.
يذكر د. علي الزواري في هذا الكتاب ان اختيار موقع صفاقس ليس واضحا تاريخيا وان نشأتها غامضة. وان تخطيط مدينة صفاقس التاريخية تخطيط محكم ولا ندري من قام به. ويبدو أن الدولة الأغلبية أرادت أن تكون مدينة صفاقس قلعة لحماية السواحل ومدينة دفاعية متقدمة في اتجاه الشرق ولهذا كان لمدينة صفاقس بابين فقط على خلاف تونس وسوسة وغيرهما. خاصة وان فترة تأسيس المدينة في منتصف القرن التاسع عشر شهدت حروبا بين افريقية والروم.
والكتاب يمدنا بمعلومات هامة عن مدينة صفاقس منها ان السور بني بالطوب ولا نعرف متى جدد بالحجارة. وان ارض صفاقس المنبسطة والرملية هي التي أعطتها توجها فلاحيا. ومما ذكره أن نهج الباي الذي سمي لاحقا بنهج المنجي سليم كان يطلق عليه زقاق المرّ، والمر في الأصل هو الممر المحاذي لسور المدينة. وإذا كان العنوان يتحدث عن مدينة متوسطية من خلال تجارتها مع الإسكندرية ومرسيليا ومالطا واليونان وعنابة واسطنبول والبندقية، فإننا نجد في داخله حديثا أيضا عن الخط التجاري الذي يربط صفاقس بعمق إفريقيا في تمبوكتو وكيناوة.
العمل العلمي الذي بين أيدنا حرّر باللغة الفرنسية بأسلوب سلس وسهل القراءة. و هو في ذات الوقت كتاب أكاديمي جيد وعلى غاية كبيرة من الصرامة العلمية وهو موجه بالأساس إلى طلبة مدرسة الدكتوراه والأساتذة الجامعيين.
والذي لا يعرف علي الزواري، فإن هذا الكتاب يكشف أولا عن جدارته العلمية حيث أنه انتقل من اجله المؤلف إلى الشهر العقاري، ودار المحفوظات ومكتبة القلعة بمصر، والمكتبة الوطنية الليبية والمكتبة الوطنية الفرنسية ومتاحفها، والمكتبة الوطنية التونسية وأرشيفها الوطني إلى جانب وثائق المكتبة النورية بصفاقس ووثائق دار الجلولي وعدد من المكتبات العائلية. وقد حصد هذا الكتاب شهادات ايجابية من المؤرخ د. فوزي محفوظ, مدير المعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر، والمؤرخ المعروف د. الهادي التيمومي.
ويكشف انه أكثر العارفين ''ببلاد العربي بصفاقس'''، المدينة العتيقة، بل قل هو يعرفها حجرة ، حجرة. فهو أتمم مؤسس متحف العادات والتقاليد الشعبية بدار الجلولي بعد الأستاذ محمد المصمودي، وهو مؤسس متحف العمارة التقليدية بالقصبة، وبرج النار، مقر جمعية صيانة المدينة.
وأخيرا نشير أن المؤلف كتب في المقدمة انه سيعمل على تأليف الجزء الثاني من هذا الكتاب، ولما سألناه أشار إلى أنه سيتحدث فيه عن تاريخ الأسرة والسكن والتعليم والثقافة والمعتقدات بمدينة صفاقس. ومن ناحية أخرى علمنا في حفل توقيع هذا الكتاب أن معجم الكلمات والتقاليد الشعبية بصفاقس الذي صدر للدكتور علي الزواري عن مطبعة سوجيك بصفاقس، سيصدر قريبا في طبعة جديدة ومنقحة ليضم 4848 مصطلحا في 1200 صفحة. قراءة ممتعة.
نص د. علي الزواري